الخميس، 25 فبراير 2010

أنصاف





لا أعلم إن كنت أهوى الجلوس متكئا على تلك الأريكة التي تنظر على هذا الركن الخفي من العالم...أم أنني فقط أحب تضييع الأوقات بالنظر إلى مخلوقات الله وكيفية تدبيرة لأمرهم
لكنني على يقين أنني أختلس لحظات من اليوم لأحول تفكيري إلى خارج حدودي وعالمي لأنظر لمن حولي..لأرى أنصاف وأشباه الأشياء...:
فمرة أرى نصف ضحكة من طفل سرقها عنوة من دقائق لم تراقبه فيها أمه ففعل فعلة شنعاء في نظرأمه لكنها أسعدته...أضحكته ...نصف ضحكة لم يتمكن من جعلها واحد صحيح فقد انتبهت أمه فانهالت عليه بالضرب المبرح

مرة أخرى أرى نصف ابتسامة من فتاة ترى ترقب ابن الجيران لها بنوع من اللهفة في تلاقي الأعين...لكن تلك البسمة أيضا لا تتحول إلى ابتسامة كاملة
فكل مرة تدخل أحد الأمهات لتقطع عليهم حديث الأعين والبسمات

وها هو ذا نصف يوم يمشي على الأرض...رجل يحمل إحدي ابنتيه والأخرى تمسك في يده ليذهبوا جميعا في نزهة ليوم من العمر...لكن اليوم لا يكتمل
فالطفلة تركت يد أبيها وذهبت حيث السيارات التي لم تترك لها فرصة الرجوع مرة أخرى لدفء يد أبيها ....فقد انكسرت قدمها

وها أنذا أرى نصف أمل في أعين سائق الميكروباص ...فبعد أن امتلأت بقايا الميكروباص بأشلاء الزبائن -فهو متهالك قديم قدم الأزل - تراقصت في أعين السائق فرحة و أمل ورضا بالرزق
لكن لحظات الأمل لم تلبس أن تلاشت من أعين السائق عندما أدار مفتاحه دون أدنى رد فعل أو استجابة من الموتور فقد كان شبه ميتا ...في حاجة إلى صدمات كهربائية وجهاز تنفس اصطناعي ليعود إلى الحياة مرة اخرى
نصف الأمل لم يكتمل في عينيه لكن رضاه بالرزق ما زال موجودا
وفي جانب لا تدركه معظم الأعين رأيت نصف حب نشأ بين شاب وفتاه...أيدهما جميع الاهل والأحباب وتكلل هذا الحب بزواج مبارك
لكن الحب لم يكتمل فقد بدأت متطلبات الحياة تتضح على الساحة بشدة كأنها وحوش ضارية صعبة المراس
لجأ هو إلى السفر لسد أفواه تلك الوحوش ...ومع البعاد انطفأ الحب شيئا فشيئا

في نهاية تأملاتي غفوت نصف غفوة لنصف دقيقة فرأيت نصف حلم بواقع غير الذي نحياه فيه كل شئ مكتمل
الحب والحلم والضحكة والابتسامة والأمل
وقتها تنبهت إلى أنني أحيا في حلم لا ينبغي أن يكتمل فاستيقظت لأراني نصف شاب ونصف كهل
نصف شاب يرغب في المزيد من الأحلام والأمنيات
ونصف كهل يراقب النصف شاب ليمنعه من الانسياق وراء ذلاته وملزاته

هناك 5 تعليقات:

  1. والله حلوة وهتتسرق بقى

    ردحذف
  2. دائما لا يوجد شىء كامل لكن احيانا تكتمل بعض الاشياء ومين عالم يمكن البنت اللى رجلها اتكسرت ترجع تانى سليمة
    يمكن اى شىء يحدث

    ردحذف
  3. وماذا إذا نظر أحدنا إلى المرآة؟!

    الإجابة بالنسبة لي (قاسية) !

    أيضاً مجتمعاتنا مليئة بأنصاف الرجال..


    تدوينة جميلة..ومدونة رائعة وأظنني ضيف دائم,,

    تحياتي.

    ردحذف
  4. غير معرف
    مش مشكلة تتسرق يا دوك...هبقى أدعي عليه :D

    صوت من مصر:
    أنا مرضتش أقفل البنت واقول ماتت ولا حاجة
    أكيد هترجع كويسة بس الفكرة ان مفيش حاجة مكتملة
    وهي دي الحياه

    مشخبطاتي:
    عندما تنظر للمرآه ستجد انسان بكل ما في الكلمة من معاني
    يمكن ده اللي بيخليه قاسي من وجهة نظرك
    أو انت اللي بتقسو كتير على نفسك

    يشرفني دائما زيارتك لمدونتي المتواضعة :)

    ردحذف
  5. يمكن او اكيد كل شيء في حياتنا ناقص
    ويمكن ناقص كتير اوي
    بس مش بتوصل للنص كدة
    دي تبقي حالة لا سلم لا حرب
    وللاسف مفيش اختيار ومفيش حل
    تحياتي

    ردحذف

لا تبخل برأيك