اليوم...استيقظت مبكرا ...لكن لست في كامل نشاطي...فلا أستعيده كاملا إلا بعد شرب كوب الشاي الذي تعده زميلتي في العمل
ذهبت إلى العمل مبكرا على غير العادة...فقد رتبت مسبقا أن أغادره مبكرا لاستغلال الاذن الوحيد الاوحد في الشهر
وبعد أن انتهت اجراءات الإذن...فكرت كثيرا ...ماذا أفعل في هاتين الساعتين اللتين اقتنصتهما ببراعة صياد محترف من براثن أسد جسور
انتهى بي المطاف إلى أن أغادر العمل متجهة إلى كليتي...كنت أعلم ماذا سأجني من مثل هذا القرار
أول ما خطوت بأقدامي أرض الكلية
دارت عيناي يمينا ويسار لعلي أجد من يعرفني وأعرفه ويقتل تلك الغربة الموحشة التي انقضت عليّ كوحش مفترس
ولحسن الحظ - أو ربما لسوئه - أني بالفعل رأيت بعض الزملاء ...والذين كان تجمعهم في هذا المكان في ذلك التوقيت أشبه بحلم يقظة
لم أتحدث إليهم لكن شعور الألفة جعل قلبي يخفق طربا وابتسامة رضا أطلت من شفتاي تحييهم بود أن " مرحبا بكم في بلاد الذكريات "
رحت أغدو وأروح...بحثا عمن يذهب ما تبقى من وحشة واغتراب في قلبي
لكني لم أجد....
شعور الغربة داخل وطنك كشعور طفل في مهده ضل عن أمه
أخذت أمشي بين الطرقات...أتحسس نفس الأماكن التي طالما عاصرت لحظات كنا نسترقها من الزمان...لحظات من الحب ..من الضحك الصادق...وصفاء الذهن
هي ...هي نفس الأماكن....بنفس الذكريات
أتشمم رائحة المعامل... ما زالت تحمل معها عبق الذكريات
تلك الروائح التي كثيرا ما كان يصيبنا منها الدوار وقليل أو كثير من الاشمئزاز
أصبحت الآن أفضل من رائحة أعتق عطر فرنسي أصيل
لا أعلم إن كنت أبالغ بعض الشئ ...أم أن هذا إحساس كل من يقف في نفس موقفي
في نهاية المطاف...حاولت أن ألملم ما تبقى من ذكريات الماضي وحكايات ونوادر الأصدقاء التي كانت تدور في ذهني...وأحطتهم ببعض الروائح من عبق التاريخ
وأدخلتهم في غرفة الذكريات بقلبي
أغلقت الأبواب ورائي بحرص حتى لا أوقظ ما تبقى من جراح لا تندمل